الأربعاء، 11 يونيو 2014

Color de Tierra (Arbolito - Video Oficial)



لونها الألماس 





O Brother Where Art Though - The Soggy Bottom Boys - I Am A

تشكرات



"باسم الفدائي الذي يرحل من وقتهم.. 
لندائه الأول

الأول .. الأول"


*درويش

________________________

God bless the old times



Maurice Sendak illustration from 'I'll Be You and You Be Me,' a vintage ode to friendship by Ruth Krauss. Click image for more.
jggg

Dygitals - she's ok (1985)

:)



محمود درويش - أنا من هنا

يفهمني انا النبيل / يتفهمني انا الخسيس





الأحد، 8 يونيو 2014

Gaby Moreno: NPR Music Tiny Desk Concert

Michael Jackson - Invincible

بلا وشم
_______

لابد وانها بشرى سارة لكم
ايتها الكائنات العمومية
توجد من الذوات ما يكفيكم
لتلتهموها وتهضموها كقَدر

الان في عصرنا

رغيدٌ هو العيش 
سيصبح لكم
بلا احتياط
بلا حتى الحائط
بلا تريض
بلا حتى الأرض

الآن في عصرنا 

ارتفعت وجوهكم 
عاليًا لسماء غرة
الامتجاد للجميع 
وكم تأملون الاكتمال  
 في الجميع

هههههه

سماؤه ايضًا
تمجد علوكم
في اللا أحد


Mind, Brain & Spirituality: Toward a Biology of the Soul

a delightful discussion



الأحد، 1 يونيو 2014


( في فكر الترجمة الجديد ؛ ترجمة الحرف )


ترجمة الحرف او الترجمة الحرفية ليست ما قد يعرفه البعض بتلك الترجمة التي تكون كلمة-كلمة او ترجمة الحروف من لغة الى لغة.
الترجمة الحرفية -كما افهمها في الكتاب -هي الترجمة ب"انحرافٍ" او من خلال "منحرف" التأويل عن الذات للآخر بأقصى آخريته معطيًا الذات امتدادها..

لقد فكر انطوان برمان عند تفكيره باللغة الأم والاقتراب من "الحرف الأصل" حسب ما يسميه د. محمد عنبر ايضًا في "جدلية الحرف العربي وفيزيائية الفكر والمادة" بأدب الأطفال لا بمراحل تاريخية سحيقة وغائرة في القدم. 
أجد أن هذا تفكيرًا تقدميًا وحداثيًا مؤهلًا لأن يستطيع انتاج فكر قيم التسامح ، مؤهلًا لصنع فلسفة متجددة ضمن تعميق قيمة "التعايش الانساني" فكوكب واحد يعيش فيه المتخاصمين الرافضين لفهم بعضهم لا يمكن أن يستمر طويلا..
يقول روا باستوس "لايوجد سوى مجلد واحد. وعندما يموت الانسان ، فان ذلك لا يعني أن الفصل قد نزع من صفحات الكتاب بل يعني أنه تُرجم الى لغة أفضل"
فهذه الترجمة تأتي في سياق أعظم وأجل السياقات البشرية وهو نقله روح اللغة الى لغة الآخر بشكل افضل ، المؤول بما أن االترجمة تأويل ،
يقول هايديغر " كل ترجمة هي في حد ذاتها تأويل ، وهي تحمل في كينونتها أسس التأويل وانفتاحاته ومستوياته الموجودة في الأصل والمجبرة على الصمت "
والتأويل يقيم في "مقام البعد" اي البعد عن الذات ، يقول شاعر جوال "إن الترجمة هي في ماهيتها مقام البعد"
ومهمة المترجم حسب بنيامين:
١- مهمة الترجمة لا ترجع في الأساس الى نظرية التلقي
٢- المآل الأساسي للترجمة ليس التواصل
٣- العلاقة بين النص الاصلي والمترجم ليست تمثيل او اعادة انتاج لان الترجمة ليست صورة ولا نسخة
وفي الثالثة من مهمات المترجم قد يكون السبب وراء عدم تفضيل الاسلام ترجمة حرفه بل معانيه، يقول هولدرلين "ويحب الاب ، سيد العالم، قبل كل شيء ، بأن يظل الحرف محفوظًا في تماسكه بعناية"
وفي مساره لهذه الترجمة يستشهد برمان بنص رائع لألان: 
"ففي البداية يتم انجاز فسيفساء غير منظمة، تكون أجزاؤها غير مرتبة، يجمعها الاسمنت لكنه لاينسق بينها، ذلك ان العملية تحتاج الى الرونق وحتى الضعف بشكل يفوق التصور"
تتخذ الترجمة في السياق الغربي - والتي يجب هدمها حسب برمان- ثلاثة ملامح: 
١- على المستوى الثقافي : تعتبر ذات نزعة مركزية عرقية
٢- وعلى المستوى الأدبي تعتبر تحويلية
٣- ومن الناحية الفلسفية تعتبر أفلاطونية
وتحيط هذه الماهية ذات النزعة المركزية العرقية والتحويلية والأفلاطونية المميزة للترجمة ، بماهية أعمق ، هي في الآن نفسه أخلاقية وشعرية وتأملية"
والانفتاح في الترجمة واجب لا تعليمي او تواصلي فحسب بل انه واجب وجودي ومسألة حياة او موت والانغلاق هو شكل من اشكال الموت ، واحيانًا نراه ماثلًا امامنا ، يقول هاملت "امكث! وعليك أن تختار وأن تمر من لحظة الحياة الى الموت ومن الوجود الى العدم"
فأي حياة نريدها من انغلاقنا وهو يأتي بأي ثمن ، واقول من انغلق فقد انفلق واعوذ برب الفلق! منه 
المهم: الاحظ أن هذه الترجمة تتغيا الجمالي اذا كانت ابداع النص بشكل افضل من النص الاصلي وهذا -في نظري - ما يميزها عن البقية.
وفي الفصل الثاني: ينتقل برمان الى تحليلية الترجمة ونسقية التحريف ويعمل على الميولات التحريفية التي سيحللها وهي ( العقلنة والتوضيح والتطويل والتبسيط والتفخيم والاختصار الكيفي والاختصار الكمي والمجانسة وهدم الايقاع وهدم الشبكات الدالة الضمنية وهدم التنسيقات النصية وهدم [او تغريب] الشبكات اللغوية المحلية وهدم العبارات المألوفة والاصطلاحات ومحو التراكبات اللغوية )
__________________

وفي الفصل الثالث يعمّق برمان رؤيته لضعف تأثير الترجمة ان كان هدفها التواصل ويقتبس لبنيامين: "لكن ما الذي تقوله القصيدة؟ وما الذي توصله؟ ان من يفهمها لا يصله الا القليل منها. وماهو أساسي فيها ليس هو التواصل ولا التلفظ. ومع ذلك ، فإن الترجمة التي تريد ان تتواصل لن تنقل سوى التواصل اي ماهو غير اساسي...الخ"
ومن هذا النص تتضح علاقة هذه الترجمة قد يتضح هدف المترجم وعدم اساسية التواصل لا طردها تمامًا من فضاء الترجمة بالحرف
ثم ينتقل برمان الى اخلاقية الترجمة وهما "الدقة والأمانة" ويقتبس من لوثر "ولذلك أؤكد أنه لايمكن لأي مسيحي مزيف ولا لأي فكر متعصب القيام بترجمة أمينة"
يقول برمان مضيفًا "ويتمثل الفعل الأخلاقي في الاعتراف بالآخر كآخر وفي تقبله. ... لكن الثقافة لاتصبح ثقافة ( انسانية ) الا اذا كانت محكومة بهذا الاختيار ، جزئيًا على الاقل فبإمكان ثقافة ما امتلاك اعمال اجنبية من دون ان تنسج معها علاقات حوارية وقد اشار فريدريك شليجل الى هذا الامر بخصوص العرب" خاصةً وأننا نعلم ان ان امهات الكتب التي ترجمها العرب لم يُعثر على النسخ الأصلية ويقتبس شليجل "إن ميلهم المفرط الى تدمير ورمي الأعمال الأصلية بعد ترجمتها، يميز روح فلسفتهم ولربما كانوا لهذا السبب أكثر ثقافة، الا أنهم رغم ثقافتهم أكثر همجية من أوروبيي القرون الوسطى"
ويتجاوز هذه المسألة التي اتى بها ويهمه فيها انها نموذج للعلاقة الاستحواذية اللاحوارية واللاأخلاقية 
ولأن الترجمة تنتمي للبعد الأخلاقي لأن هدفها وماتطمح له أخلاقي ب"جعل الغريب منفتحًا كغريب، على فضائه اللساني الخاص" فيالعظمة هذه الترجمة فانفتاحها يتجاوز غاية التواصل التي طالما ظُن انها غايتها ، بل هي تواصل التواصل لكنها أكثر من ذلك ايضًا فهي "تجل للتجلي" خصوصًا في مجال الأعمال الإبداعية لأن العمل الإبداعي يتجلّى فيه العالم بكليته.
وهناك مثالان بارزان على الترجمة بالحرف وهما ( شلايرماخر وغوته )
ونجد في مقدمة الفصل الرابع اقتباسًا لدريدا قائلًا: "يجب على كل ترجمة ( جيدة ) أن تتجاوز الحد"
وفي الفصل الرابع سيتناول ترجمة هولدرلين لسوفوكليس في مسرحيته ( أنتيغون ) و ( أوديب ملِكًا ) اللتان نشرهما قبل جنونه اللتين فشلتا تمامًا واصبح في الثقافة الألمانية لابد من نقل الأصول بكل أمانة يقول برمان "ان الترجمة لايمكنه ان تكون انتقالًا بواسطة الغريب المكون الا اذا تجاوزت كونها أقلمة وإلحاق لهذا الأخير ( أي الغريب ) وتعتبر تلك الحدود الوحيدة لهذا الانتقال هي تلك المحددة من طرف هومبولت"
وسينتقل هولدرلين برتجمته مابعد الكلاسيكية والرومانسية واقترح ترجمة حرفية-قصية كما قال في رسالة الى بولندورف ص115
اقتبس منها "فهم ممتازون فيما يخص موهبة العرض ، حيث يتملكون العنصر الغريب. اما عندنا فالامر مختلف لكن ماهو خصوصي يجب ان يتعلم مثل ما هو غريب"
فهو يقترح تبادلية بين الطرفين انسانية للترجمة . عبّر عنه صراحة في قوله "أتمنى ان اقدم عرضًا اكثر حيوية عن الفن الاغريقي الغريب عنا لارتباطه بالطبيعة الاغريقية وبالعيوب التي عرف كيف يتعامل معها؛ وذلك بابراز العنصر الشرقي الذي أنكره وبتصحيح عيبه الفني" أجد -شخصيًا-هذا الكلام خير معبّر عن ترجمة الحرف ويتفق جان بوفري مع هولدرلين بل ويتحمّس له وتتدخل ترجمة هولدرلين لتوقف المعركة لكن "بطريقة عكسية" بما أن فعل الترجمة هي اظهار العنصر او المبدأ الذي اخفاه النص الاصلي ويمكن رسم هذا بالشكل التالي: 
سوفوكليس = توهج السماء-->الاعتدال
هولدرلين = الاعتدال --> توهج السماء
ويمضي برمان مستعرضًا أمثلة على ترجمات
هولدرلين؛ { الترجمة الحرفية والتشقيقية } و { التقوية } ثم { اللجوء الى الألمانية القديمة والى الشغابية } واخيرًا { تعديلاته }
وفي ختام الفصل يسأل برمان ؛ هل يمكن لخطاطة هولدرلين ان تكون مفيدة بالنسبة لأعمال دانتي شيكسبير ميلتون كافكا... الخ؟ ويجيب بنعم

_______________________
يستمر برمان في عرض نماذج من الترجمات المركزية للثقافة الغربية وفي الفصل الخامس يتناول ترجمة شاتوبريان ل"الفردوس المفقود" لميلتون من الانجليزية الى الفرنسية مرورًا باللاتينية، فيشرح الظروف المحيطة بها وهي ان فرنسا كانت تعيش ازهى عصورها الرومانسية ومايهمه هنا امران كما يقول: ظهور حركة واسعة للترجمة ، قطعت مع الترجمة الكلاسيكية. والامر الاخر هو تقييم جديد لفعل الترجمة هاته. وقد مهدت لهذا الفعل الذي لايذهب حد "التمزيق" الاضطرابات الناتجة عن الثورة وعن قيام الامبراطورية بصيغتين: الأولى: كونهما ( الثورة والامبراطورية ) قد اخترقتا اوروبا وبلغتا المشرق العربي ( مصر تحديدًا ) التي كان لها تأثير ثقافي كبير فلقد فُكت رموز لغة قديمة [ الهيروغليفية ] والثانية: كون الثورة والامبراطورية ساهمتا في بروز عدد من الكتاب الفرنسيين الذين اختاروا المنفى؛ منهم شاتوبريان و مدام دو ستايل و بنيامين كونستان و دو ميستر و ريفارول و دوليل و بونالد. ويدخل برمان في اختيار الترجمة الحرفية للنصوص؛ ما يمكن ترجمته ممالايمكن ترجمته، اذ يثير في البداية لغزًا حير بوشكين حيث يقول معلقًا "في هذا اليوم -وهذا مثال مثير- ترجم الكاتب الأول بفرنسا، نص ميلتون حرفيًا ، معلنًا بأن الترجمة الحرفية تشكل قمة فنه [ ... ] ، ومن الممكن ان يكون لها تأثير على الأدب" ويعلن برمان مسرعًا الى القول ب "ان اختيار الترجمة الحرفية راجع في الآن نفسه الى بنية العمل المترجم والى وضعية المترجم"
والترجمة الحرفية لاتكتفي بالنص الأصلي كأفق بل تتخذ افاقًا ابعد في التاريخ كأن تكون ترجمة "الفردوس المفقود" متأثرة بكتب ترجمة الكتاب المقدس وايضًا الانياذة. ولكن الترجمة الحرفية نظرًا لجدتها فإنها تتعارض مع كل الترجمات السابقة ، يقول مترجم "الفردوس المفقود" :"لو اردت انجاز ترجمة انيقة للفردوس المفقود فقط ، لبلغت مستوى ترجمة من هذا القبيل اعتمادًا على قدرٍ من المعرفة بالفن . لكنني قمت بترجمة حرفية بكل ما في الكلمة من معنى". لابد ان نفكر - حين نعلم ان هذه الترجمة ترجمة معادة - بزمن ومكان الترجمتين. لذلك فان الترجمة المعادة تخص الاصل وتواجه الترجمات القائمة ايضًا ، فالترجمات الاولى ليست هي الاعظم ولا يمكن لها لن تكون.
كما يعرض انطوان برمان لترجمة حرفية اخرى ( وكبرى ) في الفصل السادس الا وهي ترجمة بيار كلوسوفسكي للانياذة والتي قام بها عام 1964. وترجع ترجمة الانياذة الى الحاجة الى التناغم مع الاصل التي ميزت تلك الفترة، لماذا؟ لان هذه الاعمال هيمنت على الذاكرة مدة طويلة دون ترجمة سوى اقتباسها او محاكاتها. فقد تمت قطيعة مع ترجمة هذه الاعمال الكلاسيكية الكبرى او السخرية منها. وقد عرف القرن التاسع عشر الفيلولوجيا التي لم تكتفِ بالهيمنة على الاعمال الكلاسيكية بل منحت لنفسها حق التعليق عليها ، فيرفق العمل بملاحظات نقدية تبين للقارئ معنى العمل وتموقعه تاريخيًا وبذلك فرضت نفسها كسلطة على المترجمين وترجماتهم ، فكانت الفيلولوجيا وبالًا على علاقتنا بالاعمال الكلاسيكية حسب برمان. وحرفية كلوسوفسكي يمكنها ان تفيدنا في لتوضيح ماهية الحرفية وان تساعد بشكل حاسم ، بين التقليد الاعمى والحرفية. ومن الواضح ان الفرنسية قد تحررت من اللاتينية فكلوسوفسكي يقول في مقدمة ترجمته : "بما ان الجانب المفكك للتركيب الذي لا يخصالنثر اللاتيني بل النظم ايضًا ، خاضع للتواطؤ فاننا لا يمكننا معالجته اثناء ترجمتنا لقصيدة ما ، كاعتباط يختلط فيه الحابل بالنابل ويمكن تصحيحه وفق منطقنا النحوي. فالتجاوز الارادي للكلمات التي يؤدي اصطدامها الى الغنى الجهيري والى مهابة الصورة ، هوالذي يشكل بالضبط هيئة كل بيت شعري. 
ومما لاشك فيه -يستمر كلوسوفسكي- ان القيمة الجهيرية للكلمة اللاتينية المدعمة بالخاصية الاعرابية للغة ، غالبًا ما تختفي في الفرنسية ، التي لم تتحرر من اللاتينية الا عندما اصبحت من اكثر اللغات "تحليلية" ، واصبح الاعراب يحتل فيها مركزًا ثانويًا. ويمكن القول ان هذا الاستعمال السحري يختفي تقريبًا في ترجمة نص مثل الانياذة ، ما إن نقتصر على المعنى العقلاني للخطاب المتعلق بالملحمة. وقد لاحظ مرمونتيل ان الملحمة لا تحكي مثل التاريخ بل هي تحاكي فعلًا ما

( في فكر الترجمة الجديد ؛ ترجمة الحرف ) 3







يستمر برمان في عرض نماذج من الترجمات المركزية للثقافة الغربية وفي الفصل الخامس يتناول ترجمة شاتوبريان ل"الفردوس المفقود" لميلتون من الانجليزية الى الفرنسية مرورًا باللاتينية، فيشرح الظروف المحيطة بها وهي ان فرنسا كانت تعيش ازهى عصورها الرومانسية ومايهمه هنا امران كما يقول: ظهور حركة واسعة للترجمة ، قطعت مع الترجمة الكلاسيكية. والامر الاخر هو تقييم جديد لفعل الترجمة هاته. وقد مهدت لهذا الفعل الذي لايذهب حد "التمزيق" الاضطرابات الناتجة عن الثورة وعن قيام الامبراطورية بصيغتين: الأولى: كونهما ( الثورة والامبراطورية ) قد اخترقتا اوروبا وبلغتا المشرق العربي ( مصر تحديدًا ) التي كان لها تأثير ثقافي كبير فلقد فُكت رموز لغة قديمة [ الهيروغليفية ] والثانية: كون الثورة والامبراطورية ساهمتا في بروز عدد من الكتاب الفرنسيين الذين اختاروا المنفى؛ منهم شاتوبريان و مدام دو ستايل و بنيامين كونستان و دو ميستر و ريفارول و دوليل و بونالد. ويدخل برمان في اختيار الترجمة الحرفية للنصوص؛ ما يمكن ترجمته ممالايمكن ترجمته، اذ يثير في البداية لغزًا حير بوشكين حيث يقول معلقًا "في هذا اليوم -وهذا مثال مثير- ترجم الكاتب الأول بفرنسا، نص ميلتون حرفيًا ، معلنًا بأن الترجمة الحرفية تشكل قمة فنه [ ... ] ، ومن الممكن ان يكون لها تأثير على الأدب" ويعلن برمان مسرعًا الى القول ب "ان اختيار الترجمة الحرفية راجع في الآن نفسه الى بنية العمل المترجم والى وضعية المترجم"
والترجمة الحرفية لاتكتفي بالنص الأصلي كأفق بل تتخذ افاقًا ابعد في التاريخ كأن تكون ترجمة "الفردوس المفقود" متأثرة بكتب ترجمة الكتاب المقدس وايضًا الانياذة. ولكن الترجمة الحرفية نظرًا لجدتها فإنها تتعارض مع كل الترجمات السابقة ، يقول مترجم "الفردوس المفقود" :"لو اردت انجاز ترجمة انيقة للفردوس المفقود فقط ، لبلغت مستوى ترجمة من هذا القبيل اعتمادًا على قدرٍ من المعرفة بالفن . لكنني قمت بترجمة حرفية بكل ما في الكلمة من معنى". لابد ان نفكر - حين نعلم ان هذه الترجمة ترجمة معادة - بزمن ومكان الترجمتين. لذلك فان الترجمة المعادة تخص الاصل وتواجه الترجمات القائمة ايضًا ، فالترجمات الاولى ليست هي الاعظم ولا يمكن لها لن تكون.
كما يعرض انطوان برمان لترجمة حرفية اخرى ( وكبرى ) في الفصل السادس الا وهي ترجمة بيار كلوسوفسكي للانياذة والتي قام بها عام 1964. وترجع ترجمة الانياذة الى الحاجة الى التناغم مع الاصل التي ميزت تلك الفترة، لماذا؟ لان هذه الاعمال هيمنت على الذاكرة مدة طويلة دون ترجمة سوى اقتباسها او محاكاتها. فقد تمت قطيعة مع ترجمة هذه الاعمال الكلاسيكية الكبرى او السخرية منها. وقد عرف القرن التاسع عشر الفيلولوجيا التي لم تكتفِ بالهيمنة على الاعمال الكلاسيكية بل منحت لنفسها حق التعليق عليها ، فيرفق العمل بملاحظات نقدية تبين للقارئ معنى العمل وتموقعه تاريخيًا وبذلك فرضت نفسها كسلطة على المترجمين وترجماتهم ، فكانت الفيلولوجيا وبالًا على علاقتنا بالاعمال الكلاسيكية حسب برمان. وحرفية كلوسوفسكي يمكنها ان تفيدنا في لتوضيح  ماهية الحرفية وان تساعد بشكل حاسم ، بين التقليد الاعمى والحرفية. ومن الواضح ان الفرنسية قد تحررت من اللاتينية  فكلوسوفسكي يقول في مقدمة ترجمته : "بما ان الجانب المفكك للتركيب الذي لا يخصالنثر اللاتيني بل النظم ايضًا ، خاضع للتواطؤ فاننا لا يمكننا معالجته اثناء ترجمتنا لقصيدة ما ، كاعتباط يختلط فيه الحابل بالنابل ويمكن تصحيحه وفق منطقنا النحوي. فالتجاوز الارادي للكلمات التي يؤدي اصطدامها الى الغنى الجهيري والى مهابة الصورة ، هوالذي يشكل بالضبط هيئة كل بيت شعري. 
ومما لاشك فيه -يستمر كلوسوفسكي- ان القيمة الجهيرية للكلمة اللاتينية المدعمة بالخاصية الاعرابية للغة ، غالبًا ما تختفي في الفرنسية ، التي لم تتحرر من اللاتينية الا عندما اصبحت من اكثر اللغات "تحليلية" ، واصبح الاعراب يحتل فيها مركزًا ثانويًا. ويمكن القول ان هذا الاستعمال السحري يختفي تقريبًا في ترجمة نص مثل الانياذة ، ما إن نقتصر على المعنى العقلاني للخطاب المتعلق بالملحمة. وقد لاحظ مرمونتيل ان الملحمة لا تحكي مثل التاريخ بل هي تحاكي فعلًا ما.

الثلاثاء، 20 مايو 2014

( في فكر الترجمة الجديد ؛ ترجمة الحرف ) 2

_________________________

وفي الفصل الثالث يعمّق برمان رؤيته لضعف تأثير الترجمة ان كان هدفها التواصل ويقتبس لبنيامين: "لكن ما الذي تقوله القصيدة؟ وما الذي توصله؟ ان من يفهمها لا يصله الا القليل منها. وماهو أساسي فيها ليس هو التواصل ولا التلفظ. ومع ذلك ، فإن الترجمة التي تريد ان تتواصل لن تنقل سوى التواصل اي ماهو غير اساسي...الخ"

ومن هذا النص تتضح علاقة هذه الترجمة قد يتضح هدف المترجم وعدم اساسية التواصل لا طردها تمامًا من فضاء الترجمة بالحرف
ثم ينتقل برمان الى اخلاقية الترجمة وهما "الدقة والأمانة" ويقتبس من لوثر "ولذلك أؤكد أنه لايمكن لأي مسيحي مزيف ولا لأي فكر متعصب القيام بترجمة أمينة"

يقول برمان مضيفًا "ويتمثل الفعل الأخلاقي في الاعتراف بالآخر كآخر وفي تقبله. ... لكن الثقافة لاتصبح ثقافة ( انسانية ) الا اذا كانت محكومة بهذا الاختيار ، جزئيًا على الاقل فبإمكان ثقافة ما امتلاك اعمال اجنبية من دون ان تنسج معها علاقات حوارية وقد اشار فريدريك شليجل الى هذا الامر بخصوص العرب" خاصةً وأننا نعلم ان ان امهات الكتب التي ترجمها العرب لم يُعثر على النسخ الأصلية ويقتبس شليجل "إن ميلهم المفرط الى تدمير ورمي الأعمال الأصلية بعد ترجمتها، يميز روح فلسفتهم ولربما كانوا لهذا السبب أكثر ثقافة، الا أنهم رغم ثقافتهم أكثر همجية من أوروبيي القرون الوسطى"
ويتجاوز هذه المسألة التي اتى بها ويهمه فيها انها نموذج للعلاقة الاستحواذية اللاحوارية واللاأخلاقية 
ولأن الترجمة تنتمي للبعد الأخلاقي لأن هدفها وماتطمح له أخلاقي ب"جعل الغريب منفتحًا كغريب، على فضائه اللساني الخاص" فيالعظمة هذه الترجمة فانفتاحها يتجاوز غاية التواصل التي طالما ظُن انها غايتها ، بل هي تواصل التواصل لكنها أكثر من ذلك ايضًا فهي "تجل للتجلي" خصوصًا في مجال الأعمال الإبداعية لأن العمل الإبداعي يتجلّى فيه العالم بكليته.

وهناك مثالان بارزان على الترجمة بالحرف وهما ( شلايرماخر وغوته )
ونجد في مقدمة الفصل الرابع اقتباسًا لدريدا قائلًا:  "يجب على كل ترجمة ( جيدة ) أن تتجاوز الحد"
وفي الفصل الرابع سيتناول ترجمة هولدرلين لسوفوكليس في مسرحيته ( أنتيغون ) و ( أوديب ملِكًا ) اللتان نشرهما قبل جنونه اللتين فشلتا تمامًا واصبح في الثقافة الألمانية لابد من نقل الأصول بكل أمانة يقول برمان "ان الترجمة لايمكنه ان تكون انتقالًا بواسطة الغريب المكون الا اذا تجاوزت كونها أقلمة وإلحاق لهذا الأخير ( أي الغريب ) وتعتبر تلك الحدود الوحيدة لهذا الانتقال هي تلك المحددة من طرف هومبولت"
وسينتقل هولدرلين برتجمته مابعد الكلاسيكية والرومانسية واقترح ترجمة حرفية-قصية كما قال في رسالة الى بولندورف ص115
اقتبس منها "فهم ممتازون فيما يخص موهبة العرض ، حيث يتملكون العنصر الغريب. اما عندنا فالامر مختلف لكن ماهو خصوصي يجب ان يتعلم مثل ما هو غريب"

  فهو يقترح تبادلية بين الطرفين انسانية للترجمة . عبّر عنه صراحة في قوله "أتمنى ان اقدم عرضًا اكثر حيوية عن الفن الاغريقي الغريب عنا لارتباطه بالطبيعة الاغريقية وبالعيوب التي عرف كيف يتعامل معها؛ وذلك بابراز العنصر الشرقي الذي أنكره وبتصحيح عيبه الفني" أجد -شخصيًا-هذا الكلام خير معبّر عن ترجمة الحرف ويتفق جان بوفري مع هولدرلين بل ويتحمّس له وتتدخل ترجمة هولدرلين لتوقف المعركة لكن "بطريقة عكسية" بما أن فعل الترجمة هي اظهار العنصر او المبدأ الذي اخفاه النص الاصلي ويمكن رسم هذا بالشكل التالي: 

سوفوكليس = توهج السماء-->الاعتدال
هولدرلين = الاعتدال --> توهج السماء

ويمضي برمان مستعرضًا أمثلة على ترجمات
هولدرلين؛ { الترجمة الحرفية والتشقيقية } و { التقوية } ثم { اللجوء الى الألمانية القديمة والى الشغابية } واخيرًا { تعديلاته }
وفي ختام الفصل يسأل برمان ؛ هل يمكن لخطاطة هولدرلين ان تكون مفيدة بالنسبة لأعمال دانتي شيكسبير ميلتون كافكا... الخ؟ ويجيب بنعم




الخميس، 15 مايو 2014

( في فكر الترجمة الجديد ؛ ترجمة الحرف ) 1



ترجمة الحرف او الترجمة الحرفية ليست ما قد يعرفه البعض بتلك الترجمة التي تكون كلمة-كلمة او ترجمة الحروف من لغة الى لغة.
الترجمة الحرفية -كما افهمها في الكتاب -هي الترجمة ب"انحرافٍ" او من خلال "منحرَف" التأويل عن الذات للآخر بأقصى آخريته معطيًا الذات امتدادها..

لقد فكر انطوان برمان عند تفكيره باللغة الأم والاقتراب من "الحرف الأصل" حسب ما يسميه د. محمد عنبر ايضًا في "جدلية الحرف العربي وفيزيائية الفكر والمادة" بأدب الأطفال لا بمراحل تاريخية سحيقة وغائرة في القدم. 
أجد أن هذا تفكيرًا تقدميًا وحداثيًا مؤهلًا لأن يستطيع انتاج فكر قيم التسامح ، مؤهلًا لصنع فلسفة متجددة ضمن تعميق قيمة "التعايش الانساني" فكوكب واحد يعيش فيه المتخاصمين الرافضين لفهم بعضهم لا يمكن أن يستمر طويلا..
يقول روا باستوس "لايوجد سوى مجلد واحد. وعندما يموت الانسان ، فان ذلك لا يعني أن الفصل قد نزع من صفحات الكتاب بل يعني أنه تُرجم الى لغة أفضل"
فهذه الترجمة تأتي في سياق أعظم وأجل السياقات البشرية وهو نقله روح اللغة الى لغة الآخر بشكل افضل ، المؤول بما أن االترجمة تأويل ،
يقول هايديغر " كل ترجمة هي في حد ذاتها تأويل ، وهي تحمل في كينونتها أسس التأويل وانفتاحاته  ومستوياته الموجودة في الأصل والمجبرة على الصمت "
والتأويل يقيم في "مقام البعد" اي البعد عن الذات ، يقول شاعر جوال "إن الترجمة هي في ماهيتها مقام البعد"
ومهمة المترجم حسب بنيامين:
١- مهمة الترجمة لا ترجع في الأساس الى نظرية التلقي
٢- المآل الأساسي للترجمة ليس التواصل
٣- العلاقة بين النص الاصلي والمترجم ليست تمثيل او اعادة انتاج لان الترجمة ليست صورة ولا نسخة
وفي الثالثة من مهمات المترجم قد يكون السبب وراء عدم تفضيل الاسلام ترجمة حرفه بل معانيه، يقول هولدرلين "ويحب الاب ، سيد العالم، قبل كل شيء ، بأن يظل الحرف محفوظًا في تماسكه بعناية"
وفي مساره لهذه الترجمة يستشهد برمان بنص رائع لألان: 
"ففي البداية يتم انجز فسيفساء غير منظمة،  تكون أجزاؤها غير مرتبة، يجمعها الاسمنت لكنه لاينسق بينها، ذلك ان العملية تحتاج الى الرونق وحتى الضعف بشكل يفوق التصور"
 تتخذ الترجمة في السياق الغربي - والتي يجب هدمها حسب برمان- ثلاثة ملامح: 
١- على المستوى الثقافي : تعتبر ذات نزعة مركزية عرقية
٢- وعلى المستوى الأدبي تعتبر تحويلية
٣- ومن الناحية الفلسفية تعتبر أفلاطونية
وتحيط هذه الماهية ذات النزعة المركزية العرقية والتحويلية والأفلاطونية المميزة للترجمة ، بماهية أعمق ، هي في الآن نفسه أخلاقية وشعرية وتأملية"
والانفتاح في الترجمة واجب لا تعليمي او تواصلي فحسب بل انه واجب وجودي ومسألة حياة او موت والانغلاق هو شكل من اشكال الموت ، واحيانًا نراه ماثلًا امامنا ، يقول هاملت "امكث! وعليك أن تختار وأن تمر من لحظة الحياة الى الموت ومن الوجود الى العدم"
فأي حياة نريدها من انغلاقنا وهو يأتي بأي ثمن ، واقول من انغلق فقد انفلق واعوذ برب الفلق! منه 
 المهم: الاحظ أن هذه الترجمة تتغيا الجمالي اذا كانت ابداع النص بشكل افضل من النص الاصلي وهذا -في نظري - ما يميزها عن البقية.
وفي الفصل الثاني: ينتقل برمان الى تحليلية الترجمة ونسقية التحريف ويعمل على الميولات التحريفية التي سيحللها وهي ( العقلنة والتوضيح والتطويل والتبسيط والتفخيم والاختصار الكيفي والاختصار الكمي والمجانسة وهدم الايقاع وهدم الشبكات الدالة الضمنية وهدم التنسيقات النصية وهدم [او تغريب] الشبكات اللغوية المحلية وهدم العبارات المألوفة والاصطلاحات ومحو التراكبات اللغوية )

<photo id="1" />

الثلاثاء، 13 مايو 2014




"الهوى شرقي"
ـــــــــــــــــــــــ

-من لا بر له لا بحر له-
*درويش

قد استفيق ومهجتي
سدّت الافق نواحًا
والدموع انا

قداستفيق متكئًا
على الشيعي
ابي وهو يحدق بي
مستفهمًا
عن بحره والحداق

وانا

قد استفيق
ومن البيداء
انادي
معاذ 
اخي على الساحل
يجر حبل البوم
يمخر عباب
الريح
والسنونو رفيق سفر
  
قد استفيق مناديًا
يا ارضي
ويا بحري الشقيق طفولتي
انا اصم الاذن
لا اعرف اسمي
يا صحرائي ويابحري
سمياني وليدكما
فأنا المنسي في ارضي
كالعشرق
كالخبيز الممل
كصخور الصوان

قد اسبغتما علي
صورتي
وارفة ،
 لم يعلموا
انتما.. انا
وانا هنا ثابت
في حضنك الدافئ
أمي.
٢٣ ابريل ٢٠١٤ 

الاثنين، 12 مايو 2014

للمعنى الأثيري الخميل
____________
تستورد اللغة المعاني من صباحنا والليل الجميل
فتنبض في عُرى التوليب نبرة مبسم
سيعرفه الغريب
كتلال على مبعد في ذاك الكثيب
كتوردِ بسمة من شفة معشوقةٍ رأت الجمال
في كأس الحبيب
كسماءٍ ليس يدركها البغاةُ 
قد فاتهم قرب القليب
متكورٌ مستقبلُ مستدبرُ ثمل 
سقط الحبيب 
كروح حمامةٍ نزقت من الصيادِ
ليس يشعل جناحاها بالصبح الكثيف
كوقع جنودِ البأس والغضب المريب
كالتفاف دخان في موقد السمَر الأنيس

كوقع خطى من أحب لمقدمي وتوردي 
في الشعر



الثلاثاء، 6 مايو 2014








"هي حياتنا"
______

هي حياتنا معشر البشرِ
صعودُ على فرع من الشجرِ
او هبوط مخيفٌ الى الشرِّ
او ارتفاعُ مهيب الى نزرٍ من الخيرِ

فلتتعظ يا ساقي الوردِ
فأيامنا معدودةٌ من البردِ
اصابعها محروقة بالندِّ
ياساقي الوردِ
لا تعبأ بالهجران والصدِّ
قد اينعت بالربع الربيعٍ
وتكاثرت اشجاره كأنها
مدُّ من البحرِ

اسبغ علينا يا باغي الحق والخير
والودِّ

مما علمك الخالق المعطي

5/ مايو/ 2014

السبت، 3 مايو 2014





"ظلي"

______________

أنا ظلي على ارضي
والسائرات بجانبي
قصة بيضاء
انا ظلي
على حائطي
والمهطعين
رؤوسهم
خجلًا من السماوات
القائلين
بقدسيتي
او حرمتي
او عيبيتي
سأجمعهم
على
شجري
شجر الاكاسي
والحبق
واهديهم 
بعضًا
من دمي
المصلوب
فوق
حيطانهم
العالية
ليعلموا
اني 
ما اتيت



لمن ابصق على قدسيته ؛

يا حارس المسجد
اترصدك
في الكنيف
يابن الزنا
اهذه وصيتي
قلت لك
لا تنس الكنيف
فهو ليس بعيدًا
عن صولتي
ماذا فعلت
بابنتي
وابي
وبلدي.. الشفيف
واوراق زيتوني
تحت نخلتي



موعدك الكنيف!

الأربعاء، 30 أبريل 2014

                                                                         


                                                                   

عن الشعرية                                 




سؤالان مختلفان تماما وقد يلتقيان في الشعر:

هل يجب على الشاعر أن يقوم بوصف للشعر ؟



هل يقوم الشاعر بالتجمُّل للشعر قبل حضور القصيدة ؟



لا تغيب عن هذين السؤالين سياسة الشعر أبداً. هي مقرونة بالشعر كما تقترن الأفكار عند القاء القصيدة.

 تتحمل سياسة الشعر هذا المكان الملتبس مما يكون و ما يجب أن يكون. لكن ما هو حقيقي و مفيد هو أن تلك المنطقتان مصاحبتان للقصيدة. فالأمر ليس بتلك الأهمية سواء احتمل الشعر الواجب أم اصطفى بلاغته الخاصة في العمل على حركاته في القصيدة. يقف الجمال الشعري في الوسط عند حالة البث المصاحب للقصيدة. الأفكار تأتي من هذه الجمالية المنزوعة الدسم ، طبعاً هي منزوعة الدسم أمام حاسة الناقد. تتواءم تلك الأفكار لتكون أجزاء خاصة من البلاغة لا تكشف عن نفسها الا لذلك الناقد ـ أضع الناقد هنا في غرفة خاصة لأستطيع التحاور معه ـ الذي و إن قسى على تلك الافكار "التي تتمظهر في شكل صور وشخصيات واستدعاءات.. الخ" إنما هو ـ أي الناقد ـ يحاول أن يجعل القصيدة مضطرة لأن تفصح عن مكنوناتها المتداعية ، قد أسمي تلك الحالة الاضطرارية (تغريداً) مبحوحاً أو مجروحاً بشكل ما ، سمّها "قيثارة" إن شئت. ولا أنفي تورط القصيدة نفسها من ذلك التغريد. هي تشير إليه و لو من بعيد ، والمهارة الحقيقية للشاعر هي أن يورط القصيدة ـ ربما لا "يورط" وإنما "يغري" ـ في أن تستل من نفسها خيط الحزن شيئاً فشيئاً. فهي تحس بأنها محتاجة لذلك الناقد الحصيف ولكنها تهرب من الدمع مكابرة أو خوفاً أو استسلاماً لانغماس قد وقعت فيه. سماءُ تلك التغريدة أيضاً لا تقف دون مشاكلة مع القصيدة. وربما كانت هي المدخل الأول لذلك الناقد. يكشف الناقد عن أوراق القصيدة بسرعة من هذه النافذة. لابد أن يقال هنا أن تلك السماء مجبولة على أن تكون درجاً يُصعد هو الآخر. هل يصل إلى الجمالية المطلوبة من الشعر؟ هذا ما يسأل عنه الشاعر بكلّيته. ومن هنا كان شرط الجمالية شرطا في الإغداق على الشعر بالالهام الشعري في القصيدة. أعتقد أن الموضوع الى هذه الدرجة يتضح أكثر فأكثر. ويعود السؤال عن وجوب القول أو قوام القصيدة الحاضرة سؤالاً في الجمالية .. دائماً وأبداً. إذاً ، فنحن أمام جمالية طاغية في الشعر تختبر نفسها لتصير شعريةً جاهزة لأن تتواقد على بياض الصفحات حتى  بعد عبور القول بشتى أصناف الأمكنة  والأزمنة. يقال : أن الترجمة خيانة للنص ، هذا ما سيتفق الشاعر معه تماما لأنه يريد أن يرى مولوده خاصاً وحميماً بل وعضوياً فيه ، لكن الناقد يرى أبعد من الشاعر فيستمر في التحليل بأدواته ويمرر القصيدة على المكنون الفكري والثقافي لمكتمل الانسان الذي يحوي هؤلاء جميعاً. تبدأ منازعة بسيطة بينهما على سقف تلك القصيدة ، والقصيدة تنظر أو تنتظر القرار النهائي بصبر عميم ـ لا أعلم حقيقة من أين لها هذا الصبر لكني أقول بوركتِ ـ هل يتواجد تصالح بينهما ـ أي الشاعر والناقد ـ بعد تلك المنازعة البسيطة؟ هذا ما لا يعلمه الشاعر و لا الناقد ، لكن القصيدة تلتفت إليه دائما وتحاول أن تلمح إليه في صوتها ، و إن كان مبحوحاً. سماء القصيدة لا يعرف التوقف عن اشارة نقدية أو شعرية ، بل يغطي عتمة المعنى دائما بسِفر لانهائي معتمل على قشرة القريحة  التي عليها بدورها أن توقده ، فتتسلمه بنات الشعر وتغطيه بسابغ الألوان والصور والمجازات ثم تَهْديْه مصارف البحر المناسب فتبدأ التيارات تتجاذب و تتنافر عما يعوم الى اتجاهات القول المناسب لفناء الشعر من أبوابه المناسبة