( في فكر الترجمة الجديد ؛ ترجمة الحرف ) 2
_________________________
وفي الفصل الثالث يعمّق برمان رؤيته لضعف تأثير الترجمة ان كان هدفها التواصل ويقتبس لبنيامين: "لكن ما الذي تقوله القصيدة؟ وما الذي توصله؟ ان من يفهمها لا يصله الا القليل منها. وماهو أساسي فيها ليس هو التواصل ولا التلفظ. ومع ذلك ، فإن الترجمة التي تريد ان تتواصل لن تنقل سوى التواصل اي ماهو غير اساسي...الخ"
ومن هذا النص تتضح علاقة هذه الترجمة قد يتضح هدف المترجم وعدم اساسية التواصل لا طردها تمامًا من فضاء الترجمة بالحرف
ثم ينتقل برمان الى اخلاقية الترجمة وهما "الدقة والأمانة" ويقتبس من لوثر "ولذلك أؤكد أنه لايمكن لأي مسيحي مزيف ولا لأي فكر متعصب القيام بترجمة أمينة"
يقول برمان مضيفًا "ويتمثل الفعل الأخلاقي في الاعتراف بالآخر كآخر وفي تقبله. ... لكن الثقافة لاتصبح ثقافة ( انسانية ) الا اذا كانت محكومة بهذا الاختيار ، جزئيًا على الاقل فبإمكان ثقافة ما امتلاك اعمال اجنبية من دون ان تنسج معها علاقات حوارية وقد اشار فريدريك شليجل الى هذا الامر بخصوص العرب" خاصةً وأننا نعلم ان ان امهات الكتب التي ترجمها العرب لم يُعثر على النسخ الأصلية ويقتبس شليجل "إن ميلهم المفرط الى تدمير ورمي الأعمال الأصلية بعد ترجمتها، يميز روح فلسفتهم ولربما كانوا لهذا السبب أكثر ثقافة، الا أنهم رغم ثقافتهم أكثر همجية من أوروبيي القرون الوسطى"
ويتجاوز هذه المسألة التي اتى بها ويهمه فيها انها نموذج للعلاقة الاستحواذية اللاحوارية واللاأخلاقية
ولأن الترجمة تنتمي للبعد الأخلاقي لأن هدفها وماتطمح له أخلاقي ب"جعل الغريب منفتحًا كغريب، على فضائه اللساني الخاص" فيالعظمة هذه الترجمة فانفتاحها يتجاوز غاية التواصل التي طالما ظُن انها غايتها ، بل هي تواصل التواصل لكنها أكثر من ذلك ايضًا فهي "تجل للتجلي" خصوصًا في مجال الأعمال الإبداعية لأن العمل الإبداعي يتجلّى فيه العالم بكليته.
وهناك مثالان بارزان على الترجمة بالحرف وهما ( شلايرماخر وغوته )
ونجد في مقدمة الفصل الرابع اقتباسًا لدريدا قائلًا: "يجب على كل ترجمة ( جيدة ) أن تتجاوز الحد"
وفي الفصل الرابع سيتناول ترجمة هولدرلين لسوفوكليس في مسرحيته ( أنتيغون ) و ( أوديب ملِكًا ) اللتان نشرهما قبل جنونه اللتين فشلتا تمامًا واصبح في الثقافة الألمانية لابد من نقل الأصول بكل أمانة يقول برمان "ان الترجمة لايمكنه ان تكون انتقالًا بواسطة الغريب المكون الا اذا تجاوزت كونها أقلمة وإلحاق لهذا الأخير ( أي الغريب ) وتعتبر تلك الحدود الوحيدة لهذا الانتقال هي تلك المحددة من طرف هومبولت"
وسينتقل هولدرلين برتجمته مابعد الكلاسيكية والرومانسية واقترح ترجمة حرفية-قصية كما قال في رسالة الى بولندورف ص115
اقتبس منها "فهم ممتازون فيما يخص موهبة العرض ، حيث يتملكون العنصر الغريب. اما عندنا فالامر مختلف لكن ماهو خصوصي يجب ان يتعلم مثل ما هو غريب"
فهو يقترح تبادلية بين الطرفين انسانية للترجمة . عبّر عنه صراحة في قوله "أتمنى ان اقدم عرضًا اكثر حيوية عن الفن الاغريقي الغريب عنا لارتباطه بالطبيعة الاغريقية وبالعيوب التي عرف كيف يتعامل معها؛ وذلك بابراز العنصر الشرقي الذي أنكره وبتصحيح عيبه الفني" أجد -شخصيًا-هذا الكلام خير معبّر عن ترجمة الحرف ويتفق جان بوفري مع هولدرلين بل ويتحمّس له وتتدخل ترجمة هولدرلين لتوقف المعركة لكن "بطريقة عكسية" بما أن فعل الترجمة هي اظهار العنصر او المبدأ الذي اخفاه النص الاصلي ويمكن رسم هذا بالشكل التالي:
سوفوكليس = توهج السماء-->الاعتدال
هولدرلين = الاعتدال --> توهج السماء
ويمضي برمان مستعرضًا أمثلة على ترجمات
هولدرلين؛ { الترجمة الحرفية والتشقيقية } و { التقوية } ثم { اللجوء الى الألمانية القديمة والى الشغابية } واخيرًا { تعديلاته }
وفي ختام الفصل يسأل برمان ؛ هل يمكن لخطاطة هولدرلين ان تكون مفيدة بالنسبة لأعمال دانتي شيكسبير ميلتون كافكا... الخ؟ ويجيب بنعم